جاءت الزيادة الحالية بأسعار الطاقة لتدفع الحكومات في أوروبا إلى وضع خطط لحماية المستهلكين من التأثير المباشر لارتفاع الأسعار، وجاء تقرير أوروبي حديث تتبع السياسات المختلفة التي تستخدمها البلدان على المستويات المحلية للتخفيف من تأثير ارتفاع الأسعار على المستهلكين، كشف عن حجم ما أنفقته دول القارة العجوز في هذا الإطار.
وطبقاً للتقرير الذي نشره مركز أبحاث Bruegel في بروكسل تحت عنوان (استجابات السياسة المالية الوطنية لأزمة الطاقة)، فقد بلغ الإنفاق الأوروبي للتغلب على أزمة الطاقة منذ شهر سبتمبر من العام 2021 ما يزيد عن 768 مليار يورو، لجهة إجراءات حماية المستهلكين (الأسر والشركات) من ارتفاع تكاليف الطاقة، التقرير الذي دعا الدول الأوروبية إلى ضرورة أن تكون أكثر استهدافاً في حجم إنفاقها لمعالجة أزمة الطاقة كشف عن إحصاءات تفصيلية بشأن تدابير كل دولة أوروبية من إجمالي النفقات الأوروبية ضمن السياسات الوطنية للاستجابة لأزمة الطاقة، وأظهر أن دول الاتحاد الأوروبي خصصت 657 مليار يورو، بينما بريطانيا خصصت 103 مليار، بخلاف 8.1 مليار في النرويج.
وكان آخر تقييم مماثل للمركز قد حدد إجمالي المخصصات حتى نوفمبر الماضي ضمن تدابير حماية المستهلكين، بحوالي 706 مليار يورو، وتزيد المخصصات الإجمالية (768 مليار دولار) قليلاً عن حجم المخصصات التي وجهها الاتحاد الأوروبي لتدارك آثار وباء كورونا في العام 2020، والتي بلغت قيمتها 750 مليار يورو.
وجائت تصريحات خاصة تشير إلى أن المخصصات التي قدّرها التقرير بقيمة 768 مليار يورو ربما تكون أقل من المخصصات الإجمالية الفعلية لقيمة التدابير، بما يشمل عدداً من المخصصات على الصعيد الوطني، لا سيما الحزمة الألمانية المقدرة بـ 200 مليار يورو لمواجهة أزمة الطاقة، ومن المفترض أن تساعد الحزمة، التي من المتوقع أن تستمر حتى عام 2024، في الحد من أسعار الكهرباء إذا لم يوفر فرض ضريبة على الأرباح المرتفعة لشركات الطاقة ما يكفي من المال.
وأوضح تقرير Bruegel أن الحكومات في الاتحاد الأوروبي والنرويج والمملكة المتحدة فضلت تدابير مختلفة “غير هادفة للحد من ارتفاع أسعار التجزئة التي يدفعها المستهلكون للحصول على الطاقة مباشرة”، مثل التخفيضات في رسوم الإنتاج وضريبة القيمة المضافة، عوضاً عن إجراءات دعم الدخل.
ويناقش الاتحاد الأوروبي مقترحات لتخفيف قواعد المساعدات الحكومية بشكل أكبر لمشاريع التكنولوجيا الخضراء، في إطار سعي القارة العجوز إلى التنافس مع الإعانات المقدمة في هذا السياق في الولايات المتحدة الأميركية والصين، القرارات والإجراءات الجماعية التي تم اتخاذها على الصعيد الأوروبي، وكذلك إجراءات على الصعيد الوطني للتخفيف من أزمة الطاقة ودعم الأسر والشركات في هذا الصدد، لافتاً كذلك إلى مخرجات القمة الأوروبية الأخيرة التي تم خلالها الاتفاق على خطط مواجهة الآثار السلبية على الدول الأوروبية جراء الإعانات التي تقدمها الولايات المتحدة للشركات، وبما يهدد تنافسية الشركات الأوروبية عموماً، أما عن الإجراءات المُتخذة على الأصعدة المحلية، وحزمة الـ 200 مليار يورو التي أعلنت عنها ألمانيا “والتي تهدف إلى حماية الشركات والأسر من تأثير ارتفاع أسعار الطاقة”، مشدداً على أن تلك الحزمة كانت محل خلافات أوروبية، لا سيما بين ألمانيا وفرنسا، مع انتقادات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لهذا الإجراء الذي تم دون استشارة الاتحاد الأوروبي “بما قد يهدد تنافسية الشركات الأوروبية”.
ويشير خبير الشؤون الأوروبية من بروكسل، إلى أن تدابير التخفيف من أزمة الطاقة تضمنت تسهيلات فيما يتعلق بالحد من ارتفاع أسعار الكهرباء والغاز بشكل أساسي، لتخفيف الأزمة عن الأسر والشركات على حد سواء، لا سيما خلال العام الماضي في ظل تبعات الحرب في أوكرانيا التي فاقمت أزمة الطاقة في أوروبا، وسرعت من تبني الدول الأوروبية مبادرات وخطط على الصعيد المحلي والجماعي للتخفيف من التبعات الاقتصادية لتلك الأزمة.
وهناك بعض الدول التي وضعت حداً لأسعار الكهرباء والغاز لا يتم تجاوزه ويشير ذلك علي أن حجم النفقات الأوروبية الإجمالي فيما يخص أزمة الطاقة لم يتضح بشكل دقيق بعد، بالنظر إلى التدابير المحلية المختلفة وتطورها، مشيراً في هذا السياق إلى تبني الاتحاد خطط خاصة في إطار مساعدة الشركات للتحول إلى استخدام الطاقة النظيفة والمتجددة ضمن الأهداف البيئية.
ورصد التقرير الصادر عن مركز أبحاث Bruegel في بروكسل أخيراً إحصاءات بشأن قيمة الإنفاق في كل بلدٍ أوروبي ضمن التدابير المختلفة لمواجهة أزمة الطاقة، ومن بين أبرز المؤشرات التي أوردها:
_ احتلت ألمانيا المرتبة الأولى في إجمالي النفقات المرتبطة بتدابير حماية المستهلكين، وذلك بإجمالي 265 مليار يورو.
_ كل من بريطانيا وإيطاليا وفرنسا في مرتبة تالية بإنفاق لم يتجاوز الـ 150 مليار يورو لكل منهم.
_ تصدرت كل من لوكسمبورغ والدنمارك وألمانيا قائمة الدول من حيث “نصيب الفرد” من تلك التدابير.
دعم الكهرباء والغاز
أخذت الحكومة الإيطالية بعض الإجراءات منها ما يعرف بالمكافأة الاجتماعية أو مكافأة الفاتورة، والتي تعني بخفض فاتورة الكهرباء والغاز للأسر التي تواجه صعوبات”.
أزمة أوكرانيا كشفت تضارب سياسات الطاقة للدول الغربية نتج عنه زيادات في فواتير الكهرباء والغاز الناتجة عن الزيادة في تكلفة المواد الخام والحرب في أوكرانيا إلى تفاقم الصعوبات التي يواجهها المواطنون والشركات، وفي محاولة للتخفيف من هذه الصعوبات، أوردت الحكومة الإيطالية في قانون الموازنة مخصصات هادفة لاحتواء الزيادات في فواتير الكهرباء والغاز، تنضم إلى سلسلة من الإجراءات الضريبية لدعم الشركات والأسر المتضررة من آثار وباء كورونا أيضاً، وقد أعلنت الحكومة الإيطالية في يونيو الماضي عن حزمة مساعدات للأسر والشركات بـ3.5 مليار دولار لخفض تكاليف الطاقة.
ومكافأة الكهرباء والغاز “خصم تلقائي يتم تطبيقه على الفواتير”، موجه للأسر التي تواجه صعوبات، وتلك التي يقل دخلها عن 15 ألف يورو وفق مؤشر الوضع الاقتصادي (Isee) ، أو 20 ألف يورو بالنسبة للأسر التي لديها أربعة أبناء أو أكثر.
شيرين رامي.
محللة فنية في الأسواق العالمية.
إخلاء المسؤولية: يتم توفير هذه المادة كتواصل تسويقي عام بهدف المعلومات فقط ولا تشكل بحثًا استثماريًا مستقلاً. و لا يوجد في هذا الاتصال ما يحتوي نصيحة استثمارية أو توصية استثمارية أو التماس لغرض شراء أو بيع أي أداة مالية. حيث ان يتم جمع جميع المعلومات المقدمة من مصادر حسنة السمعة وأي معلومات تحتوي على مؤشر للأداء السابق ليست ضمانًا أو مؤشرًا موثوقًا للأداء المستقبلي. يقر المستخدمون بأن أي استثمار في المنتجات ذات الرافعة المالية يتميز بدرجة معينة من عدم اليقين وأن أي استثمار من هذا النوع ينطوي على مستوى عالٍ من المخاطر يتحمل المستخدمون وحدهم المسؤولية عنها. ولكن نحن لا نتحمل أي مسؤولية عن أي خسارة تنتج عن أي استثمار يتم بناءً على المعلومات الواردة في هذا الاتصال. و يجب عدم إعادة إنتاج هذا الاتصال أو توزيعه بشكل أكبر دون إذن كتابي مسبق منا.